وحدي هنا وعيون الليل ترتقبُ= كأنني هاربٌ أودى به الطلبُ
وحدي أغالبُ أشواقي فتغلبني=وحدي أواجهُ أحزاني فتنتصبُ
أين الأحبةُ؟ لا همسٌ ولا صخبٌ=أين الأحبة؟ لا حزنٌ ولا طربُ
أين الأحبةُ من عزّوا.. ومن لهُمُ= في القلبِ متّسَعٌ يحنو.. وينقلبُ
ودعتهم ودموع القلبِ نازفةٌ= قلباً.. وفي العينِ من آثارها سلبُ
هبني سلوتهم - كُرهاً - الى أجلٍ= فكيف أسلو التي سلوانها العطبُ
تلك التي نَسَجَت قلبي لصورتِها= فما تزالُ بهِ خفّاقة تجبُ
دار الهوى.. سحره.. عيناه.. سطوته= إقباله.. صدقه.. فيحاؤه.. الأرب
عنيزة الحب لا أرضٌ تعادلها= حباً.. أأمكثُ أم في الكون أغتربُ
عنيزةُ الأمُّ والأحلامُ والنشبُ=عنيزةُ النخلُ والتاريخُ والحسَبُ
قد كنت فوق ثراها نخلةً شهقت= لها النجوم.. وكانت فيّ تختصب
حتى نزعتُ فما أدري أفي جسدي= روحي.. أم الروح في حاراتها تثِبُ؟
إذا ذكرت بها عزاً نعمتُ بهِ= صفقت كفيّ وجداً ثم أنتحبُ
وإن سمعتُ لها ذكراً تملّكني=من نشوةِ السُكرِ.. ما يُمْحَى به التعب
ولو بصرت لها رسماً تزينه= على الخرائطِ تجثو عنده الركبُ
أحدّث القومَ عنها كل أمسية=مفاخراً.. ودموعُ الروحِ تنسكِبُ
ولا يلامُ مُحِبٌّ في تحنُّبه= يكفيه من لَهَبِ الأشواقِ.. ملتهب
فأين أيامها اللائي سعدت بها= طفلاً.. فوقدة عمرٍ فيّ تحتجبُ
وأين مني ليالي الأنس راقصة=جنبَ المصفّرِ.. سيقت نحوهُ السحبُ
حيث الغضا.. توقد الأحشاءَ جمرتُهُ= كأنها عين من أهوى وأرتهبُ
أم أين مجلسُ علمٍ كنتُ أنشِدُهُ= في موئلِ العلمِ حيثُ الذوقُ والأدبُ
أم أين.. أم أين.. ضاعت كلُّ أمتعتي= وغاب بدري.. فليلي واجمٌ كَئِبُ
بدَّلْتُ فيها بلاداً لا أنيس بها= من البلاد التي يرمى بها السببُ
عند الخليجِ أناجي موجَهَ ضجراً= فلا يحير جواباً وهو يضطّربُ
فيا نسيم الهوى الغربيّ هل خَطَرَتْ= أنسامُ بشرِكَ في نجدٍ لها خبب؟
فجزت فيحائي الخضراء فانبعثت= روائح الشوقِ في برديكَ تنسحبُ
حتى إذا جئتنا نحو الخليج بها= تصارعُ الموجَ.. فاحَ الحبّ والوصَبُ
فإن تؤبْ ذاتَ يومٍ مشرقاً عجلاً= فدونك الوجدُ والأشواقُ والنصبُ