• ×
  • دخول
  • تسجيل
  • 04:56 صباحًا , السبت 11 شوال 1445 / 20 أبريل 2024 | آخر تحديث: أمس

دعوة كريمة من رمز اصيل من رموز قبيلة حرب ايام رمضان تسارع مؤذنة بالانصراف العشر الاواخر من رمضان رمضان شهر الدعاء ابناء الفرده الاماجد ابنكم اليتيم ماجد ينخاكم شيوخ الشمل ومساحة الأمل وواقع العمل اهلاً وسهلاً بضيف الرحمن اولك الذين يستحقون كل تقدير سالي الفريدي افضل باحثه في مجال الكيمياء الحسنات ماحياتُ للسيئات

خطوات الى الصحراء

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
خطوات إلى الصحراء .

خلق الله الإنسان ، وآنسه بمانزل من السماء ، وأمره أن يسير في الأرض متأملا ، ويمشي في مناكبها ويأكل من رزقه شاكرا متحمدلا ، كما أنه من إرادته سبحانه عمارة الأرض بمايرضي الله أولا ، وبما يسر نظر الإنسان ونظرته في صوابية نهج ومنهج ، إلا أن القرب من الطبيعة قرب من الفطرة ، فكونية الإنسان الجسدية والروحية تجد الأنس والسرور في الطبيعة زمانا ومكانا وإنسانا .
ومن عجيب خلق الإنسان أنه يتكيف مع الإنسان والمكان والزمان في لحظات ؛ لحكمة أرادها الله ، ولك أن تتخيل حال البشر عند برودة الجو في الليالي الشاتية ، وكيف تؤثر قشعريرة البرد ببعث ابتسامة لذيذة تظهر في وجوه مضئية محمرة مسمرة تبادل الطبيعة الأنس والسرور والتأثر وجها لوجه ، بل وتستدعي أن يتهيأ الإنسان للزمان والمكان ببعض لباسه ومعداته وأدواته التي تحفظ له الدفء والأنس والسرور معا .
في هذه الأيام لك أن تدحج بصرك على سلوك الناس من حولك إذ تجد البشر تهاجر للبراري والمعيشة الصحرواية ولو لساعات محدودة ، باحثين عن اعتدال روحي ، وتفريغ شحنات سلبية مكتسبة من مدينة وتمدن ، فتختار المكان الربيعي المناسب ، وتنصب الخيام المؤنسة ، وبيوت الشعر المهيبة ، في جو أرضي وسماوي يحكي جمالا أخاذا يقع النظر حينها في حرج ، أينظر إلى جو سماوي زرقاوي سوداوي ؟ ! من سحب عما قليل سيدوي رعدها وتتلاسب بروقها ، أم ينظر إلى فراش أخضر امتد على أديم الأرض ، يرد للروح لهفتها ، ويروي مشاعر عطشها ، ويجعلها تخطو في جسد عدة خطوات صحراويات ، ناطقة بحمد الله وتسبيحه وتمجيده، مستحضرة بعض آياته القرآنية ( صنع الله الذي أتقن كل شيء ) .
إن من أطلق البصر تأملا في الأيام الشاتية يجد أن للشتاء سببية تأثير على الإنسان في لباسه ومأكولاته ومشروباته بل وشعوره ومشاعره وجسده كله ، فثمت أمور يدركها الإنسان ببصره وبصيرته ، ويقربها بحثا عن دفء جسد ، وأنس مشاعر ، وسرور روح في منهجية تبادلية تكاملية في حياة تدبيرها بيد خالقها سبحانه .
كما أن من سلوك الإنسان الفطري في البراري أنه لايمكن اعتبار رحلته كاملة في أنسها ولذاذتها ، مالم يوقد النار ، ويزيد من حطبها ، لتصبح مشعومة لها صلاء ، يعجبك تلهبها وألسنة اشتعالها ، ويتلذذ بقهوته البرية المجهزة على جميرات جذبت من تلك النار ، ليتذوق قهوة دلته بمنهجية هادئة ، ممتدحا فنجالها ، تشجيعا لنفسه ، ودعاية لمن حوله في أخذ وضعية الاستعداد لتناول قهوة الصحراء اللذيذة المختلفة عن قهوة المدينة شكلا وهيأة وطعما . فيتناولون فنجالها بعد أن سبقوه بتناول تميرات نارية اللون ، ومسمرة ، ومحمرة في آنية آخرى ، ليأتي فنجال القهوة تلك، مزيلا الكآبة والكسل ، وباعثا على تدفق الروح سعادة وإسعادا ، ثم تناول شاي الجمر الصحراوي الذي يجعلك تدرك حقا في عدم لوم الشعراء الأولين الذين تغنوا به ممتدحينه بكل مشاعرهم وشعورهم وتصويرهم الفكري الآخاذ .
وفي ذلك يقول الشاعر : عبدالله بن عقيل :
ما أحسن الشاي إذ فاحت لويزته
كذاك نعناعه والعنبر اللدن

‎فيه الفوائد من تهضـيم مأكلنا
‎كـذاك قـلب شجي ناله وسن

وكما قال الآخر :
لم يدر ما لذة الدنيا وبهجتها
من لم يكن من كؤوس الشاي قد شربا
فهي المريحة للأحزان قاطبة
ناهيك إذ لونها قد شاكل الذهبا

في أيام الشتاء في الصحراء غالبا يحلو الحداء ، واجتذاب ماضوية الأخبار ، وطرائف أدبها ، بخلاف أيام المدن التي تهتم بأخبار مستقبل الحياة ، وتلمس جديدها ، في كل مجال ، وربما زاد من قلق نفوس ليس هذا مزاجها واهتمامها .

إن القرب من الطبيعة أنس حياة ، ولذاذة عيش ، وتجدد حياة ، ولكل إنسان مزاجية هوى ، وذوقية نهج ومنهج ، لكن الجسد إذا ترفه كثيرا تعقدت الروح ، وهذا مشاهد محسوس .

إن بين الإنسان والمكان والزمان تناغما عجيبا جعله الله في وضعية يدركها الإنسان ويعطيها اهتماما ، ويشكر ربه على صنعه ، وإتقانه ومعونته ، وهدايته .
image

إن للتمدن ضريبته ، وللتبدوي ضريبته ، ولكل مسؤولية ، تتطلب أدبا وقيما وشيما .
فلا يعني أن خروجنا إلى البراري والصحاري هو أن نعيش بمنهجية تمردية سلوكية مؤذية ، لا ، بل لابد من مراعاة حقوق ربنا الخالق الديان ، ومراعاة لحقوق الإنسان والمكان والزمان ، وهذا طعم الحياة أن تعرف مالك ، وما عليك ، وتعطي كل ذي حق حقه ، وأنت حينها نسمة شريفة يشهد لك الإنسان والمكان والزمان ، والله قبل ذلك شهيد عليم خبير بصير .

بقلم : أ/علي بن سعد الفريدي .

 0  0  985
التعليقات ( 0 )

جديد المقالات

أكثر

الشيخ محمد عبدالله النونان

الشيخ محمد النونان

فضيلة الشيخ محمد النونان