مجالس الفرده

مجالس الفرده (http://www.alfredah.net/forum/)
-   مكتبة المجالس (http://www.alfredah.net/forum/alfredah47/)
-   -   لمحات من عمق الفطرة (http://www.alfredah.net/forum/threads/alfredah8872/)

عبدالله بن غنام 20-08-08 08:30 AM

لمحات من عمق الفطرة
 
لمحات من عمق الفطرة


في شخصية الفرد ، في نفسيته ، في سلوكياته ، في إمكاناته وحدود طاقاته ، في أفقه وفي معنوياته ...

شيء واحد فقط لا يفتأ يفاجئني ، في كل إنسان توسمت فيه ، مهما توسمت فيه ، ومهما رأيت ، مهما كان هذا الفرد ومهما كانت خلفيته التربوية ( عموماً ) ، ومهما كانت سعة ثقافته بتعدد زوايا المنظور لديه وإلمامه بأطياف شتى ، أي مهما كان مدى وعيه عامة ، أو قوة شخصيته...

أي شخص ـ على الإطـــــــلاق ـ بأي صورة كان ، لا يفتأ يفاجئني بأن بين طيات شعوره ، وفي صلب شخصيته ، تكمن قوة الإرادة ، غير بعيد ، تنتظر فقط ما يحركها ، ثم تصنع المعجزات..

وقوة الإرادة تمتلك كل المقدرة على تغيير شخصية الفرد كاملة ومن الجذور.. لذا كل إنسان مهما كان قابل للتغيير الجذري ، والإصلاح الشامل ، على أي صورة كان ...

ويبدو لي أن قوة الإرادة من صميم الفطرة ـ والله أعلم ـ وهي السر الباتع في مدى قوة هذا الإنسان.

إنها في كل فرد ، ولكنها في غالبية الأفراد تعيش بين الجنبين بسكون كسكون البذرة الذي قد يمتد لردح من الزمان.

والإرادة قوة في الإنسان لا تعدلها قوة ، ولن تتغلب عليها قوة ، لأنها بمجرد أن تسري في أطراف الجسد وحتى قبل شيوعها على كافة الجسد ، تُفَعل معها الاستقلالية والثقة بالنفس والطموح والأنفة والعزة والكرامة والتحرر .


والذي يحي قوة الإرادة في ضمير الفرد شيء واحد فقط الحلم ( الأمنية : وهو الأمل ببلوغ قمة معينة ، تعني شيئاً جليلاً في ضمير الفرد ، أو سمها : الوازع ) الحلم الكبير لدى الفرد ن وهذا الحلم له أكثر من صورة ، وأكثر من حجم ، وأكثر من اتجاه ، ولكن ـ الحلم الواحد ـ عند الفرد الواحد يكون بصورة واحدة ( وتكون شديدة الوضوح للحالم ) وحجم واحد ( لابد أن يكون كبيراً في نظر متبنيه ) وفي اتجاه واحد كذلك ( ولابد أن يكون مقنعاً تماماً لعاطفته وفكره ، ليتملاه بالروح والعقل ، فيضمن له الإستمرار ، ويعيش عليه ولأجله ) ، وقد يكون عند الفرد أكثر من حلم ، وهذا زيادة في قوة الإرادة ويتناسب طردياً مع سعة الأفق ، والقرار الإنساني على قمة الكمال:

ولنمثل بمثل بسيط :

قوة إرادة الوالد في رعاية واحتضان وتبني ولده ، هذا من منطلق أن ولده عنده ( حلم كبير ) ليست المسألة مجرد عاطفة بل هي غريزية ، ترتبط بقوة الإرادة ، فيعيش الوالد حالماً بولده مستميتاً في الدفاع عن ذلك الحلم من كل تهديد مهما بدا ذلك التهديد ضئيلاً ، حتى وإن كانت كلمة ضالة تعني التقليل من شأن ذلك الحلم ... وقس على ذلك كل حلم كبير عند الفرد.

ومثل بسيط آخر :

المهلهل : قاد حرباً استمرت أربعين سنة ، فما الذي أحيى عنده قوة الإرادة على الاستمرار ، ليست عاطفته تجاه مقتل أخيه قطعاً ، إنما هو ( الحلم ) بالمجد التليد الذي قوضه جساس ، والأمل بأن يعود ذلك المجد ( الحلم ).

هذا ( الحلم ) شي أساسي من الغريزة لا يمكن أن يتعرض للنسيان أو التلاشي ، على عكس العاطفة وهي غريزة ثانوية قد تتحور وتتبدل وتتلاشى بل وتنسى بالكلية أحياناً.

أشير هنا ، أن الفرح والغضب والحزن والسعادة والألم ، لاتمثل الكرامة والعزة والأنفة والمجد ولكنها تساعد على تحقيقها ، فهي ثانوية : هي كأطراف العصب الذي يترجم الإحساس أي أنها قناة تنقل الإحساس وليست هي ( المخ ) مقر الإحساس فهي عوامل مساعدة يجب أن تتوازن مع بعضها وتتزن مع مقرها ( الفطرة أوالنفس ووازع تلك النفس أو صبغتها ) يجب أن تتناسب بما يخدم ( الوازع ، الحلم ) والا تطغى فينحرف ( الكل ) عن المسار والهدف البعيد والحلم المنشود. ونكتفي بهذه الإشارة.

ذاك ( الوازع ، الحلم ) شي من عمق الفطرة ( مركز الإحساس والعصب فيها ) ، وهو صبغة الله للفطرة ، هو خلقنا بهذه الفطرة ، وأرتضاها لنا وخط لنا ديناً يتماشى مع تلك الصبغة ، فبه فقط تستطيع تحقيق الهدف وبلوغ الحلم البعيد.

إن الإسلام ـ دين الله الذي خطه لفطرة البشر ـ يبارك عند الفرد أكثر من حلم بل يبارك عند الفطرة كل حلم معتدل تحلم به ، فرضى الله تعالى حلم ، والجنة وازع ، والهروب من الخسران والفشل وازع ، وعمارة الأرض وازع ، وإصلاح الناس وازع ، وفهم الحياة وطلب العلم حلم ، والإجتماع والإنضمام إلى صفوة الخلق والتميز معهم حلم ووازع ، وإن يكون الفرد قدوة يحتذى به ويذكر ويشكر بتميز مشهود ، كذلك وازع وحلم .

وكل أمل بعيد وحلم مجيد للنفس البشرية يباركه الإسلام ويحتضنه ، مالم يكن من التعدي الذي لا ترتضيه العدالة.

وهكذا لن يشاد أحد هذا الدين الا غلبه ، لأن هذا الدين يتميز بالشمول ، ولن يوجد فرد يتميز بالشمول ـ فيحيط كما يحيط الدين بكل شي ـ ، كما أن توجهات الأنفس وأحلام البشر بل وعقول وخيالات البشر تنحى كل منحى وتتجه في كل إتجاه ، وهو دين لفطرتهم لذا جاء شاملاً كما هي طبيعتم ـ بجملتهم ـ الشمول.




الموضوع في نظري غزير ومتشعب ، ويحتاج إلى التناول من أكثر من جهة، ولكن حسبنا هنا مجرد الإشارة لتلكم اللمحات..



كتبه :
عبدالله بن غنام الفريدي
4 / 11 / 1428هـ

f15 22-08-08 03:02 PM

رد: لمحات من عمق الفطرة
 
مشكور اخوي على الموضوع الرائع والراقي
سبحااان الله لله في خلقه شؤون

قرناس 12-04-09 01:10 PM

رد: لمحات من عمق الفطرة
 
يعطيك العافيه

على الموضوع الرائع

تحياتي


الساعة الآن 06:13 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

لتصفح الموقع بشكل جيد الرجاء استخدام الإصدارات الاخيرة من متصفحات IE, FireFox, Chrome

Security team

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52