استبدل العرب مسمى عباءة أو مشلح بكلمة ( بشت ) وهي لفظ فارسي كما ذكر المؤرخين , ويعد البشت عند البدو رمز التكريم والتميز فهو من اللباس الملازم للفرد في حله وترحاله ، وعلى من يرتدي البشت أن يكون فارسا لا يشق له غبار أو رجلا كبيرا له وقار أو من وكل له أمور الجماعة وكبيرهم الذي تخضع له القبيلة ويطلق عليه لقب ( شيخ ) سواء كان صغيرا أو كبيرا ، وهذا التخصيص في اللبس جعل من السهل على البدو تمييز كرام الناس من أرذلهم ، فيعرف الكريم والصادق ورفيع الشأن وقاطع الطريق وذميم الخلق واكل حقوق الناس والمخادع والكذاب الأشر ، فلم يكن عند العرب تقديم السفيه واستشارة الرويبضه مهما كان نسبه ومقام والده وفخامة مشلحه ، ومع الزمن بدا البشت يغطي أجساد القاصي والداني والعالي والسافل ، والصالح والطالح فضاعت مصالح العباد تحت أقمشة فاخره ، فنهب الحق العام ، وزورت الحقائق ، وظلمت الأنفس وروج للمنكرات وانتشرت المحرمات وحورب العلماء في دينهم وتطبيق شرع الله ومنهج رسوله الكريم تحت غطاء بشت مطرز ، وأصبح البشت ستر الحرامي ، يغطي أفعال مسئول مرتشي تهاون في الامانه الملقاة على عاتقه ليظهر أمام الجميع في أجمل صوره فهو من يملك تنفيذ قرار مئات المواطنين الذين يقفون أمام باب مكتبه ، لا يطلبون منه إحسانا ن بل يبحثون عن معاملة رجل معاق غاية مطلبه كرسي متحرك ، وأرملة باكيه تريد الستر بدخل حلال ، وشاب يافع يهرب من منابع الحرام ، وفتاة طموحها عمل يواري حاجتها عن العباد ، وشوارع وإنارة وعلاج وقروض ومدارس تصرف لها ملايين البلاد ، لتتحول إلى جيوب الوزراء تحت ذريعة المشروع لا يزال تحت عملية البناء ، وبنظره ثقة للبشت المعلق على شماعة يكفي ثمنها لسد جوع أفراد أسره في احد الأحياء ، يستعد صاحبنا للخروج نهاية الدوام ، ليغطي كل ما حدث خلف الأبواب تاركا خلفه عطر بشت يلف طابور الانتظار، وقد ضرب هذا المثل لهذا المقال ( إذا قيل للحرامي اسرق ... قال هب لي بشت ) وقد صغته بلهجة أهل عسير ، وهذا ما يحتاج له حرامي هذا الزمن بشت ومكانه اجتماعيه ، حتى على صعيد القبيلة ومحيطها الصغير تجد من يجمع أموال الناس بحجة تأسيس صندوق استثماري للجماعة وقس على ذلك باقي القطاعات والمجالات المختلفة في المجتمع ، فمن يلوم السارق إذا سرق فبشت الحرامي متوفر بمقاسات وأحجام مختلفة .