مجالس الفرده

مجالس الفرده (http://www.alfredah.net/forum/)
-   المجلس الإسلامي (http://www.alfredah.net/forum/alfredah8/)
-   -   كيف يبتلى الصالحون في الدنيا و الله يقول في القرآن : (فلَنَحيينهم حياة طيبة)؟؟ (http://www.alfredah.net/forum/threads/alfredah25716/)

ابـن مـطـيـع 04-11-10 10:17 PM

كيف يبتلى الصالحون في الدنيا و الله يقول في القرآن : (فلَنَحيينهم حياة طيبة)؟؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم

السؤال/




هناك بعض الأمور التي يظهر لي أن فيها تعارضاً, وأحتاج منكم أن تنوروني بعلمكم جزاكم الله خيراً . نجد أن الصالحين يبتلون في الدنيا ، وعلى قدر قوة الإيمان يزيد البلاء ، والله يقول في القرآن : (فلَنَحيينهم حياة طيبة) .




الجواب /



الحمد لله



أولاً :



يجب أن يُعلم أن ما أخبر الله به لا يمكن أن يتعارض مع الواقع أبداً ، لأن أخبار الله تعالى بلغت الغاية في الصدق ، قال الله تعالى : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا) الأنعام/115 ، وقال : (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلًا) النساء/122 ، وقال : (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثًا) النساء/87 .



ثانياً :



لا شك أن عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء , وأن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم , وفي الابتلاء للعبد حكَم وفوائد كثيرة ، في الدنيا ، والآخرة .



وانظر في ذلك : جوابي السؤالين : ( 35914 ) و ( 21631 ) .





وأما معنى " الحياة الطيبة " الوارد ذِكرها في قوله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/ 97 : فالأقوال فيها متنوعة ، وليس منها أن الله يفتح للمؤمن العامل للصالحات الدنيا ، ويقيه الحزن ، والفقر ، والسوء ، فالواقع يشهد بغير هذا - بل إن أولئك من أكثر الناس ابتلاء بمثل هذا - ، وجماع معنى الحياة الطيبة في الآية : حياة القلب ، وسعادته ، وانشراحه ، وإذا رُزق شيئا من متاع الدنيا فيكون حلالاً يقنع به ، وعلى ذلك جاءت أقوال المفسرين .



1. ذَكر الإمام الطبري رحمه الله أقوال العلماء في معنى " الحياة الطيبة " ، وهي :

أ. يحييهم في الدنيا ما عاشوا فيها بالرزق الحلال .

ب. يرزقهم القناعة .
ج. الحياة الطيبة : الحياة مؤمنًا بالله عاملا بطاعته .
د. الحياة الطيبة : السعادة .
هـ. الحياة في الجنة .
واختار رحمه الله من هذه الأقوال - غير المتضادة - : القول الثاني ، فقال :

وأولى الأقوال بالصواب : قول من قال : تأويل ذلك : فلنحيينه حياة طيبة بالقناعة ؛ وذلك أن من قنعه الله بما قسم له من رِزق : لم يَكثر للدنيا تعبُه ، ولم يعظم فيها نَصَبه ، ولم يتكدّر فيها عيشُه باتباعه نفسه ما فاته منها وحرصه على ما لعله لا يدركه فيها ...
وأما القول الذي رُوي عن ابن عباس أنه الرزق الحلال : فهو مُحْتَمَل أن يكون معناه الذي قلنا في ذلك ، من أنه تعالى يقنعه في الدنيا بالذي يرزقه من الحلال ، وإن قلّ : فلا تدعوه نفسه إلى الكثير منه من غير حله ، لا أنه يرزقه الكثير من الحلال ؛ وذلك أن أكثر العاملين لله تعالى بما يرضاه من الأعمال : لم نرهم رُزِقوا الرزق الكثير من الحلال في الدنيا ، ووجدنا ضيق العيش عليهم أغلب من السعة .

" تفسير الطبري " ( 17 / 291 ، 292 ) .

ب. وقال ابن القيم رحمه الله :
وأطيب العيش واللذة على الإطلاق : عيش المشتاقين ، المستأنسين ، فحياتهم : هي الحياة الطيبة في الحقيقة ، ولا حياة للعبد أطيب ، ولا أنعم ، ولا أهنأ منها ، فهي الحياة الطيبة المذكورة في قوله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ) وليس المراد منها الحياة المشتركة بين المؤمنين والكفار ، والأبرار والفجار ، من طيب المأكل ، والمشرب ، والملبس ، والمنكح ، بل ربما زاد أعداء الله على أوليائه في ذلك أضعافاً مضاعفة ، وقد ضمن الله سبحانه لكل مَن عمل صالحاً أن يحييه حياة طيبة ، فهو صادق الوعد الذي لا يخلف وعده ، وأي حياة أطيب من حياة اجتمعت همومه كلها ، وصارت هي واحدة في مرضات الله ، ولم يستشعب قلبه ، بل أقبل على الله ، واجتمعت إرادته ، وأفكاره التي كانت منقسمة ، بكل واد منها شعبة على الله ، فصار ذكر محبوبه الأعلى ، وحبه ، والشوق إلى لقائه ، والأنس بقربه ، وهو المتولى عليه ، وعليه تدور همومه ، وإرادته ، وتصوره ، بل خطرات قلبه ... .
" الجواب الكافي " ( ص 129 ، 130 ) .
وقال رحمه الله أيضاً :
وقد فُسرت الحياة الطيبة : بالقناعة ، والرضى ، والرزق الحسن ، وغير ذلك ، والصواب : أنها حياة القلب ، ونعيمه ، وبهجته ، وسروره بالإيمان ، ومعرفة الله ، ومحبته ، والإنابة إليه ، والتوكل عليه ؛ فإنه لا حياة أطيب من حياة صاحبها ، ولا نعيم فوق نعيمه ، إلا نعيم الجنة ، كما كان بعض العارفين يقول : " إنه لتمر بي أوقات أقول فيها : إن كان أهل الجنة في مثل هذا : إنهم لفي عيش طيب " ، وقال غيره : " إنه ليمر بالقلب أوقات يرقص فيها طرباً " .
" مدارج السالكين " ( 3 / 259 ) .
والأقوال في هذا المعنى كثيرة ، وكلها تدل على أن الحياة الطيبة هي حياة معنوية ، يعيشها قلب المؤمن مطمئناً بقضاء الله تعالى ، ومنشرحاً بما قدره عليه ، وسعيداً بإيمانه بربه تعالى ، وليس المراد من الحياة الطيبة – قطعاً – النعيم البدني ، وانعدام الأمراض والفقر وضيق العيش .

وننبه إلى أن القول بأن الحياة الطيبة إنما تكون الجنة : بعيد عن معنى الآية ؛ لأن الله تعالى ذَكَرَ بعدها نعيم الجنة لمن آمن وعمل صالحاً .

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :
"وفي الآية الكريمة قرينة تدل على أن المراد بالحياة الطيبة في الآية : حياته في الدنيا حياة طيبة ، وتلك القرينة هي أننا لو قدرنا أن المراد بالحياة الطيبة : حياته في الجنة في قوله : ( فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ) : صار قوله : ( وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) : تكراراً معه ؛ لأن تلك الحياة الطيبة هي أجر عملهم ، بخلاف ما لو قدرنا أنها في الحياة الدنيا ، فإنه يصير المعنى : فلنحيينه في الدنيا حياة طيبة ، ولنجزينه في الآخرة بأحسن ما كان يعمل ، وهو واضح ، وهذا المعنى الذي دل عليه القرآن : تؤيِّده السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم ..." انتهى .

فهد الطميشاء 05-11-10 12:22 AM

رد: كيف يبتلى الصالحون في الدنيا و الله يقول في القرآن : (فلَنَحيينهم حياة طيبة)؟؟
 
يكفينا من هذا الموضوع هذه الكلمات :

(( يجب أن يُعلم أن ما أخبر الله به لا يمكن أن يتعارض مع الواقع أبداً ، لأن أخبار الله تعالى بلغت الغاية في الصدق ، قال الله تعالى : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا) .. ))

شكراً من الأعماق لهذا الطرح .. حقيقة أنني أفخر بكم ليس لأني مشرف هذا القسم ..
ولكن لهذه الهمّة العالية للدين .. وتفنيد أي شيء قد يكون لغير المسلمين حُجة ..
حقيقة أننا هُنا .. في ميدان من ميادين العلم الإسلامي والتفقه الديني .. لا يستطيع أن ينكره أحد ..
فواحد ينقل فوائد .. وآخر يُفسّر آيات .. وثاني ينقل قول أحد أهل العلم .. ووووو .....
فنسأل الله العظيم أن يديم علينا هذه النعمة .. وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه .. والباطل باطل ويرزقنا اجتنابه ..

جزاك الله خير يا مشعل ..

عبدالعزيز الشملان 05-11-10 12:33 AM

رد: كيف يبتلى الصالحون في الدنيا و الله يقول في القرآن : (فلَنَحيينهم حياة طيبة)؟؟
 
نسأل الله العظيم أن يديم علينا هذه النعمة .. وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه .. والباطل باطل ويرزقنا اجتنابه ..

جزاك الله خير يا مشعل ..

طرح رائع .. ننتظر جديدك

ميس الريم 05-11-10 06:10 AM

رد: كيف يبتلى الصالحون في الدنيا و الله يقول في القرآن : (فلَنَحيينهم حياة طيبة)؟؟
 
أثابك الله اخي ابن مطيع على هذا الطرح المنير
وجزيت به خير الجزاء

ابـن مـطـيـع 05-11-10 01:05 PM

رد: كيف يبتلى الصالحون في الدنيا و الله يقول في القرآن : (فلَنَحيينهم حياة طيبة)؟؟
 
فهد الطميشاء
و
عبد العزيز الشملان
و
ميس الريم
مروركم شرفني وسعدني لكم خالص تقديري على مروركم المميز

اليمامة 09-11-10 03:45 AM

رد: كيف يبتلى الصالحون في الدنيا و الله يقول في القرآن : (فلَنَحيينهم حياة طيبة)؟؟
 

طرح قيم ومميز وفوائد عظيمة
يعطيك الــــــــــــــــــف عاااااااااااااااااافية

ابـن مـطـيـع 13-11-10 09:52 AM

رد: كيف يبتلى الصالحون في الدنيا و الله يقول في القرآن : (فلَنَحيينهم حياة طيبة)؟؟
 
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اليمامة http://www.alfredah.net/forum/alfred...s/viewpost.gif

طرح قيم ومميز وفوائد عظيمة
يعطيك الــــــــــــــــــف عاااااااااااااااااافية




مرور مميز وتواجد رائع جميل

عبدالله حمد الفريدي 13-11-10 10:06 AM

رد: كيف يبتلى الصالحون في الدنيا و الله يقول في القرآن : (فلَنَحيينهم حياة طيبة)؟؟
 
اثابك الله اخي ابن مطيع

على هذى الطرح المفيد والرائع الذى

اسأل الله ان يجعله في موازين حسناتك وان يثقل لك به الميزان

شكرا أخوي

تقبل مروري

ابـن مـطـيـع 13-11-10 09:09 PM

رد: كيف يبتلى الصالحون في الدنيا و الله يقول في القرآن : (فلَنَحيينهم حياة طيبة)؟؟
 
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوحمد http://www.alfredah.net/forum/alfred...s/viewpost.gif
اثابك الله اخي ابن مطيع


على هذى الطرح المفيد والرائع الذى

اسأل الله ان يجعله في موازين حسناتك وان يثقل لك به الميزان

شكرا أخوي


تقبل مروري



وجزاكم الله خير على المررررررررور يا ابو حمد


الساعة الآن 08:19 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

لتصفح الموقع بشكل جيد الرجاء استخدام الإصدارات الاخيرة من متصفحات IE, FireFox, Chrome

Security team

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52