مجالس الفرده

مجالس الفرده (http://www.alfredah.net/forum/)
-   المجلس الإسلامي (http://www.alfredah.net/forum/alfredah8/)
-   -   إذا مس بالسراء عم سرورها..!! (http://www.alfredah.net/forum/threads/alfredah19103/)

ذعذاع الشمال 12-03-10 04:02 AM

إذا مس بالسراء عم سرورها..!!
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


نِعَم الله تترى على العباد في كل لحظة ، بل مع كل نَفَس ...



(وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَاسَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَتُحْصُوهَا
إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ )




وواجب العبد نحو نِعمِ ربِّه أن يَشْكرَهـا ولا يكفرها.
لأن النِّعم إنما تدوم وتُستدرّ بالشُّكر .


فما هو الشُّـكُـر ؟
وكيف يكون ؟

الشُّكر هو : الثناء على المحسن بذِكرِ إحسانه بما أولاكه من المعروف .
وقيل : هو تصورُ النعمةِ وإظهارُها .


قال سهل بن عبد الله : الشكر : الاجتهاد في ذل الطاعة ، مع اجتناب المعصية في السر والعلانية .


وقال الجُنيد : الشكر ألاّ يُعصى اللهَ بِنِعَمِه .


وقال الشِّبلي : الشكر : التواضع ، والمحافظة على الحسنات ، ومخالفة الشهوات ، وبذل الطاعات ، ومراقبة جبار الأرض والسماوات .
( ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله ) .


وهل هناك أكثرُ إحساناً عليك وإنْعاماً ممن رزقك وأنت في بطن أمك ؟ وسوّغ لك الطعامَ والشراب ؟ وألبسك لباسَ الصحة والعافية ؟ وأعطاك المال والأهل والولد ؟

وذكّرك مولاك بنعمته فقال : ( أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ *
وَلِسَانًاوَشَفَتَيْنِ *وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)


قال مجاهدٌ وغيره : هذه نِعمٌ من اللهِ متظاهرة يُقرِّرُكَ بـها كيما تشكر .
وقال ابن مسعود في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ) : قال :

حقّ تقاته : أن يُطاع فلا يُعصى ، وأن يُذكر فلا يُنسى ، وأن يُشكر فلا يُكفر .


فالشُّكر إذاً من لوازم التقوى . ودخول الجنة مرتبط بتقوى الله ، وكذلك قبول العمل والدخول في رحمة أرحم الراحمين .
والشكر وصف ممدوح ووصف جليل ووصف محبوب
وقد وصف الله نبيّه نوحا بأنه ( كَانَ عَبْدًا شَكُورًا)


وامتدح الله عبده لقمان بأنْ آتاه الله الحكمة ورزقه الشكر ، فقال :

(وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ
لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) .


والشُّكر مما أهمّ الأنبياء كيفية أدائه


يُروى أن موسى عليه الصلاة والسلام قال يوم الطور : يا رب إن أنا صليت فَمِنْ قِبلك ، وإن أنا تصدقت فَمنْ قِبلك ، وإن أنا بلغت رسالتك فَمِنْ قِبلك ، فكيف أشكرك ؟ قال : الآن شكرتني .



والشُّكرُ يكون في ثلاثة مواضع :


بالقلب وباللسان وبالجوارح .


فبالقلب اعتقاداً أن الله وحدَه هو المنعمُ المتفضّلُ بـهذه النِّعم لقوله تبارك وتعالى : ( وَمَابِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ)


وأن من سوى الله من الخلق إنما هم سببٌ لجريان شيء مِن النِّعم على أيديهم .

وفي الحديث : لا يَشكرِ اللهَ من لا يشكرِ الناس . رواه الإمام أحمد وأبو داود .

وفي الحديث الآخر : إن أشكر الناس لله عز وجل أشكرهم للناس . رواه الإمام أحمد .

وقال عليه الصلاة والسلام : من صنع إليكم معروفاً فكافئوه .



فهذا كلّه يدلُّ على شكرِ الناس لا على نسبةِ النعمة إليهم
وشكر الناس أمرٌ مطلوب ، كما قال الله تعالى :
( أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ )



قال الحسن : قال موسى عليه السلام : يا رب كيف يستطيعُ ابن آدم أن يؤدي شكر ما صنعت إليه ؛ خلقته بيدك ، ونفخت فيه من روحك ، وأسكنته جنتك ، وأمرت الملائكة فسجدوا له ؟ فقال : يا موسى عَلِمَ أن ذلك مني ، فَحَمِدَنِي عليه ، فكان ذلك شكرا لما صنعته . رواه هناد في الزهد .


وقال صلى الله عليه وسلم : ما أنعم الله على عبد ، فحمد الله عليها إلا كان ذلك الحمد أفضل من تلك النعمة . رواه الطبراني وغيره ، وصححه الألباني .


قال سليمان التيمي : إن الله أنعمَ على العباد على قدْرِه ، وكّلّفَهُم الشكرَ على قدْرِهم ، حتى رضيَ منهم من الشكر بالاعترافِ بقلوبهم بِنِعَمِهِ ، وبالحمد بألسنتِهم عليها .


ويكون الشكر باللسان لقوله تعالى :( وَأَمَّابِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ )


فيتحدّث العبدُ بنعمة ربِّه عليه اعترافاً بـها ، وقبولاً لها ، وشكراً لمن أسداها ، وأنعمَ عليه بـها.


لو كلَّ جارحة منِّي لهـا لغـةٌ *** تثني عليك بما أوليتَ من حسنِ
لكان ما زان شكري إذا أشرتُ به *** إليك أجمل في الإحسان والمنن

فيتحدث العبد بنعمة الله عليه بلسان مقاله ، وبلسان حاله .


وفي صحيح البخاري من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : سيدُ الاستغفار أن تقول :

اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدُك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ،أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك عليّ ، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .
فتضمّنَ الحديثُ الاعترافَ بنعمةِ اللهِ عليه .


وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من الطعام قال :


الحمد لله الذي أطعم وسقى ، وسوّغه وجعل له مَخْرَجا
. رواه أبو داودَ والترمذي .


وفي صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأَكْلَةَ فيحمدَه عليها ، أو يشربَ الشّرْبَةَ فيحمدَه عليها .


قال بكر بن عبد الله : ما قال عبدٌ قط : الحمدُ لله مرةً ، إلا وجبت عليه نعمةٌ بقوله : الحمدُ لله ، فما جزاء تلك النعمة ؟ جزاؤها أن يقولَ : الحمد لله ، فجاءت نعمـةٌ أخرى فلا تنفد نعماءُ الله . رواه ابن أبي الدنيا في الشكر .
فكلُّ نعمةٍ فمن الله وحدَه حتى الشكر فإنه نعمةٌ وهي مِنْـهُ سبحانَه ، فلا يطيقُ أحدٌ أن يشكرَه إلا بنعمته ، وشكرُه نعمةٌ مِنْهُ عليه ،

كما قال داود عليه الصلاة والسلام : يا رب كيف أشكرُك وشكري لك نعمةٌ من نعمك عليّ تستوجبُ شكراً آخر ؟ فقال : الآن شكرتني يا داود . ذكره الإمام أحمد في الزهد .


وذَكَرَ عن الحسن أنه قال : قال داود : إلهي لو أن لكل شعرة من شعري لسانين يذكرانك بالليل والنهار والدهرَ كلَّه لما أدّوا مالَكَ عليّ من حقِّ نعمةٍ واحدة .


إذا كان شكري نِعْمَةَ الله نعمةً *** عليَّ له في مثلها يجبُ الشكرُ
فكيف وقوعُ الشكر إلا بفضله ***وإن طالت الأيامُ واتصل العمر
إذا مس بالسراءِ عمَّ سرورُها ***وإن مسَّ بالضراءِ أعقبها الأجر
وما منهما إلاّ لـه فيه مِنّـةٌ *** تضيقُ بها الأوهامُ والبـرُّ والبحر


وكتب ابن السماك إلى محمد بن الحسن – حين وَلِيَ القضاء –


: أما بعد فلتكن التقوى من بالك على كلِّ حال ، وخفِ الله من كل نعمةٍ أنعم بـها عليك من قِلّةِ الشكر عليها مع المعصية بـها ، فإن في النعم حُجـةٌ ، وفيها تَبِعَةٌ ؛ فأما الحجةُ بـها فالمعصيةُ بـها ، وأما التبعةُ فيها فقلّة الشكر عليها ، فعفى الله عنك كلما ضيعت مِـنْ شكر ، أو ركبت من ذنب ، أو قصرت من حق .
هذا تحـدّثٌ بالنعمة بلسان المقال


وأما بلسان الحال ففي لباس الإنسان ولباس أولاده وحالهم لقوله صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى يُحب أن يُرى أثـرُ نعمتِه على عبده . رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح .


وفرق بين أن يَرى الخلق أثـر النعمة وبين الإسراف .


لقوله عليه الصلاة والسلام : كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير إسراف ولا مخيلة . رواه البخاري تعليقا ، رواه الإمام أحمد والنسائي .


وقال ابن عباس : كل ما شئت والبس واشرب ما شئت ، ما أخطأتك اثنتان سرف أو مخيلة . علّقه البخاري ، ورواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق موصولا .
وفي المسند وغيرِه عن أبي الأحوص الجُشَميّ عن أبيه قال : رآني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعليّ أطمارٌ ، فقال : هل لك مال ؟
قلت : نعم .
قال : من أي المال ؟
قلت : من كل المال قد آتاني اللهُ عز وجل ؛ من الإبل والرقيق والخيل والغنم .
قال : فلتُرَ نِعَمُ اللهِ وكرامتُه عليك .
أي ليرى الناس أثر نعمة الله عليك ، فهذا من شُكرها بلسان الحال .


ويكونُ الشكرُ عَمَلاً بالجوارح بأن لا تعملِ الجوارحُ إلا بما يُرضي مولاها سبحانه .


فيعمل العبدُ بطاعة ربِّه ، خِدمةً لسيِّدِه ، لا يرى أنه صاحب معروفٍ بعمله ، بل ينظر إلى أعماله كلِّها على أنـها قطرةٌ في بحر جودِ مولاه جل جلاله ، وأنه مهما عمِلَ من عملٍ فإنه لا يؤدّي شُكرَ أقلَّ نعمةٍ يتقلّبُ بـها

( اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)



وقد أنعم الله عز وجل على العبد بالجوارح والأعضاء التي لا تُقدّر بثمن ، ولو كانت تُباع أو تُتشرى لكان الأثرياء وأصحاب رؤوس الأموال أكثر الناس تمتعاً بالصّحة !




لفضيلة الشيخ : عبد الرحمن السحيم ..حفظه الله..



م/ن


الساعة الآن 01:56 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

لتصفح الموقع بشكل جيد الرجاء استخدام الإصدارات الاخيرة من متصفحات IE, FireFox, Chrome

Security team

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52