مجالس الفرده - سلطان الخير.. وجهوده الاداريه

إن الحديث عن أعمال ومنجزات صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز (رحمه الله) لا يمكن لأي كاتب أن يحصيها ويتحدث عنها في مقالات أو كتابات مختصرة، ويكفي أن نقول بأنه ستبقى سيرته وأعماله ومنجزاته تتحدث عنه في كل المجالات، فهو قائد فريد بتوجيهاته وإنجازاته المتعددة والمتنوعة في المجال الإسلامي والاقتصادي والصناعي والاجتماعي والتعليمي والصحي والتنظيمي والأعمال الخيرية العديدة التي لا تحصى.
فقد عرف عن الأمير سلطان أنه لا يرد من طرق بابه، وكثير من المساعدات والهبات قدمها للمحتاجين، فكان خير معين لهم على تجاوز أزماتهم وقضاء حوائجهم، وقدم مساعدات لكثير من المواطنين حيث قام بتسديد ديونهم مروراً بتكلفة علاجهم.
وبهذا الصدد يقول الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أمير منطقة الرياض عن شخصية الأمير سلطان وحضوره في مجال الأعمال الخيرية والإنسانية ما نصه: "إن الأمير سلطان بطبعه منذ خلق وهو مؤسسة خيرية بذاته، وصاحب خير، ويسعى للخير، وكل مكان يكون فيه لابد أن يكون له عمل خير، فسلطان بحق هو مؤسسة خيرية قائمة بذاتها".
إن المتتبع لأعمال الأمير سلطان ومبادراته سيجد صعوبة في حصرها أو الإلمام بها، كما ذكرت آنفاً، ولكننا ندع المشروعات التي قام بإنجازها تتحدث عن نفسها.
فقد قام ـ رحمه الله ـ بإنشاء مؤسسة سلطان الخيرية، والتي تهدف إلى تقديم خدمات إنسانية واجتماعية وتربوية ثقافية وطبية وتعليمية في شتى أرجاء المملكة، وخارج حدودها أيضاً، كما قام بإنشاء مدينة سلطان للخدمات الإنسانية، والتي تعتبر أكبر مدينة طبية تأهيلية، تقدم خدمات متطورة وبرامج في وحدات الرعاية الصحية للمرضى.
ومن مبادرات الأمير سلطان لرعاية الأيتام والمعوقين، فقد تم إنشاء مركز الأمير سلطان في المدينة المنورة، ومركز آخر في المنطقة الشرقية، مجهزة بأحدث التقنيات وللأمير أيضاً مبادرات نوعية ساهمت بشكل فعّال في تطوير بعض الخدمات المقدمة لقطاع معين أو منطقة معينة، ومن نماذج هذه المبادرات ما يلي:
•برنامج الاتصالات الطبية: الذي يهدف إلى الإفادة من كل الخدمات الطبية من خلال الطب الاتصالي، حيث يمكن متابعة ملفات وبيانات ومعلومات المرضى في المملكة في شبكة واحدة.
•مشروع الأمير سلطان للإنقاذ وإدارة الكوارث: وهو مشروع متكامل في مجال الخدمات الطبية للحالات الطارئة والكوارث، بدايةً من الإخلاء الطبي والتعامل مع الحالة.
•مركز الأمير سلطان الثقافي: حيث تكفل سموه بجميع تكاليف المركز في جامعة الملك سعود بهدف توثيق الصلة بين الجامعة والمجتمع.
•برنامج الأمير سلطان للتربية الخاصة: وهو برنامج أكاديمي متكامل أنشئ ليكون من البرامج الأكاديمية لدعم برامج التربية الخاصة.
•إنشاء مشاريع صحية تتمثل في مركز الأمير سلطان لمعالجة أمراض وجراحة القلب، وإقامة مركز الكلى، ووحدة زراعة الكبد.
إن المتأمل للمشاريع والمؤسسات الخيرية والمراكز الصحية التي أنشأها الأمير سلطان يجد أنها تتميز بكفاءة العمل الإداري، حيث إنها تسير وفق هياكل تنظيمية واضحة، وتقسيمات إدارية دقيقة، يقف على رأسها أصحاب السمو الأمراء أبناء سمو الأمير سلطان وذلك لمزيد من العناية لتحقيق أفضل الرؤى والأهداف.
قد لا يعرف البعض أن الأمير سلطان ذو شخصية إدارية قيادية، لها مساهمات عظيمة في النهضة التنموية للمملكة، فقد كان ـ رحمه الله ـ ملازماً لوالده المؤسس الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه)، والذي كان له بالغ الأثر في إكسابه الخبرة الإدارية والحنكة السياسية.
كما كان أيضاً ملازماً لأخيه الملك فيصل بن عبدالعزيز (رحمه الله) في جميع رحلاته الدولية، والتي كان لها الأثر في النهج الذي تبناه في ممارسة الأعباء الإدارية لكثير من المهام الوزارية التي تولاها في حياته العملية.
فقد عيّن الأمير سلطان أميراً على الرياض، وساهم في إقامة نظام إداري قوي، وعند تشكيل أول مجلس وزراء في المملكة، عيّن وزيراً للزراعة، ومن أهم المشروعات التي أشرف عليها مشروع توطين البادية، والذي يعتبر من المشاريع التنموية المهمة في بناء الدولة الحديثة في ذلك الوقت.
كما تولى سموه وزارة المواصلات، وساهم بشكل فعّال في إدخال شبكات الطرق والاتصالات الحديثة في المملكة.
ومن منجزاته الإدارية ـ رحمه الله ـ مشاركته الفعّالة والمؤثرة في اللجنة العليا للإصلاح الإداري، كنائب لرئيس اللجنة، حيث تمت دراسة وإقرار الكثير من مشروعات الأنظمة الجديدة أو التعديلات على الأنظمة، واتخاذ جميع الإجراءات التي تحقق إصلاح الجهاز الإداري الحكومي، أو التي من شأنها تحقيق هذا الإصلاح، وكانت من أبرز أعمال هذه اللجنة إعادة النظر في تصميم الهياكل التنظيمية وتحديد الصلاحيات لكثير من الجهات الحكومية واستحداث إدارة جديدة تسمى إدارة التطوير والتخطيط في كل جهة حكومية تعنى بإصدار الأدلة التنظيمية والإجراءات، وتعنى بمهام تدريب القوى البشرية.
ولا يفوتني هنا أيضاً أن أشير إلى مساهمة الأمير سلطان في إقامة المدن الصناعية في كل من الرياض والدمام، حيث تبرع بأراض بلا مقابل لوزارة التجارة والصناعة آنذاك والتي كان يتولاها الدكتور غازي القصيبي ـ رحمه الله ـ وكانت هذه الأراضي مخصصة لوزارة الدفاع والطيران.
وفي النهاية أتوجه إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني، وإلى كافة الأسرة المالكة والشعب السعودي والأمتين العربية والإسلامية وإلى المجتمع الدولي بخالص التعازي والمواساة في وفاة صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله - بعد حياة حافلة بالعمل الوطني والإقليمي والعالمي في شتّى مجالات خدمة الإنسان، سياسياً واجتماعياً وثقافياً واقتصادياً.