جدة ـ فواز الشريف
كان جمهور الكرة العربية من المحيط إلى الخليج على موعد مع مشاهدة عمالقة آسيا صناع مجد الكرة السعودية الفريق الاتحادي وهو يشرق بالفجر الجديد (لعولمة) كرة القدم دون شرط أو قيد في لقائه الذي انتصف به الليل والنهار أمام ريال مدريد في عقر داره (السنتياجو برنابيو) ضمن الجولة الثانية من بطولة السلام الدولية التي ينظمها الفريق الملكي، بمشاركة نخبة فرق كرة القدم في العالم باستثناء نده الرئيسي الكاتالوني برشالونة، وانتهى بالتعادل الإيجابي بهدف لهدف.
البارحة أعاد الاتحاد (للعربي الرياضي) لمحة من تاريخ الفتوحات وبريق من سمر العضلات حتى سمي (الداخل) إلى عالم المجد والراغب في اعتلاء قمته، فتبادل نمور آسيا أدوار إبداعهم بالتساوي مع (ملوك القارة الأوروبية) فكلما وصلت الكرة لفرد منهم وضع عليها إمضاءته الخاصة به.. لقد كان سيد قارة آسيا يفرض نظامه (الديكتاتوري) الكروي على السيدة العجوز.
بداية طبيعية لفريقين يملكان من النجومية والرغبة ما يملكان، لأن يبادر كل منهما في البحث عن فرض أسلوبه بالطريقة التي يراها مديره الفني، حيث زج ريال مدريد بفريقه الأساسي والمدجج بأقدام تساوي مئات الملايين أمام فريق مشبع بحب الملايين من الناس فدخل الاتحاد وهو ينظر إلى الأعلى إلى هامة المجد في عالم المستديرة.
لعب للاتحاد: مبروك زايد في حراسة المرمى وفي خط الدفاع: صالح الصقري، حمد المنتشري، رضا تركر (قائد)، عبيد الشمراني، راشد الرهيب، وفي خط الوسط: سلطان النمري، مناف أبوشقير، أحمد حديد وبوشروان، في خط الهجوم: نايف هزازي.
لعب لريال مدريد: دوديك في حراسة المرمى في خط الدفاع: درينثي، ميتسلدر، جاراي، توريس وفي خط الوسط: لاس، شنايدر، جاجو، وفي خط الهجوم: راؤول، بنزيما، كريستيانو رونالدو.
كانت منطقة المناورة أي دائرة الملعب وما يحيط بها رهينة احتلالات قصرية متبادلة بين الفريقين فقد عمد مدرب الريال التشيلي (بيلجريني) على اكتساب الكرات الأمامية لهذه المنطقة والتي ثبت فيها الثلاثي لاس وشنايدر وجاجو بتراجع من كرستيانو وبنزيما في حين قابله الأرجنتيني (كالديرون) بثبات من قبل الثلاثي النمري ومناف وحديد وبالضغط من قبل الصقري وراشد الرهيب للاستحواذ على الكرة في الوقت الذي منح لابوشروان حرية الحركة في الجهة اليمنى للاتحاد ومن خلال قدمه القوية وتمريراته الذكية كاد الاتحاد يسجل في حين بقي نايف هزازي وحيداً في المقدمة لاقتناص الكرات العالية وكادت واحدة منها فيما لو بلغت رأسه أن تستقر في المرمى واذا كان الظاهر أن الريال يمتلك الزمام، فإن الباطن كان الاتحاد هو الأخطر وجاءت لريال مدريد عدد من الكرات الخطرة منها كرة الداهية راؤل إلا أن أخطبوط الاتحاد مبروك زايد كان حاضرًا في الوقت الذي سيطر الانتباه على أفراد الفريق وقائدهم رضا تكر.
حاول كريستيانو تقديم ما كان ينتظره منه جمهور الريال طيلة هذا الشوط، وتنقل مع بنزيما على الجهتين اليمنى واليسرى إلا أن ذلك ذهب سدى ففي كل شيء تعادل الفريقان حتى في (مروحة) كرستيانو وبو شروان.
اطلق الحكم صافرة نهاية الشوط حيث لعب الاتحاد واحدة من أفضل أشواط كرة القدم أمام فريق بمكانة ريال مدريد في معقله أمام تلك الجماهير التي نثرت فلاشات كاميراتها على المستطيل الأخضر وبالفعل كان الاتحاد يستحق تلك الهتافات التشجيعية من قبل الجماهير نظير ما قدمه اللاعبون..
خلاصة القول كان شوطاً جميلاً ومثالياً من قبل الفريقين في مجمله شهد ندية وتنافساً نظيفاً على استخلاص الكرة.
وفي الشوط الثاني دخل الفريقان على ذات النهج إلا من تغيير طفيف في الدفاع المدريدي واستمر اللعب سجالاً بين محاولات اتحادية ورغبة مدريدية تمكن معها اللاعب العملاق راؤول من تسجيل أول أهداف المباراة وأهداف فريقه في البطولة عند الدقيقة العاشرة من هذا الشوط في كرة لم تكن لتسجل لولا أن راؤول يمتلك من الخبرة والدهاء ما يساعده على إيداعها بلمسة واحدة لم يشاهدها زايد وهي أرضية تزحف نحو الشباك.
لم يثن هذا الهدف من عزيمة رجال الكرة العربية من مواصلة أدائهم بالطريقة التي ابتدعوها وإن كان يرى البعض أن بإمكانهم أفضل مما كان لكن نفسية لاعبي الملكي انفتحت بعد هذا الهدف حيث أخذت جماهيره العريضة في مساندته على طريقة تحفيزاتهم الهجومية.
الهولندي شنايدر لم يكتف من تصويباته القوية لكن جميعها ذهبت خارج أدراج منطقة المرمي وبالتالي فإن المحاولات لا تتوقف لأن التصويب عامل رئيسي من عوامل التسجيل، ولم يكن كريستيانو يستطيع أن يقدم والجمهور متلهف لرؤيته أكثر مما قدم، فالانضباط التكتيكي الذي كان عليه رجال الاتحاد ونجومه في مباراة الأمس أجهض كل محاولاته .. تتحرك المباراة والكل يراقب ياترى أين ستذهب بالاتحاد أو الريال، فهما عمالقة الأداء الراقي حتى هلت الدقيقة (64) من عمر المباراة والتي معها من علامات التهليل والتكبير الشيء الكثير، حيث حملت رأسية لهشام بوشروان استقرت في الزاوية (90) لمرمى دوديك حارس ريال مدريد كهدف اتحادي سجل على إثر ركلة حرة نفذها باتقان صالح الصقري كهدف تعادل منح لهذا اللقاء بهاء جديدا ومتعة أخرى.
بعد هذا التعادل المبهر قام مدرب الريال التشيلي بإجراء ثلاثة تبديلات كانت على النحو التالي جوتي بديلاً لجاجو وهيوجوين بديلا لكرستيانو والهولندي روبين بديلا للفرنسي بنزيما لكن حال الاتحاد غير وحضوره مختلف فالعميد امتلك (تلابيب) الأبيض وأخذ يناوره من كل مكان فسدد بوشروان وعقبه النمري وتبادل نجومه أرضية الملعب في حين كان الريال ينتظر كرة فردية لأحد لاعبيه حتى الدقيقة (70) حينماً منح كالديرون فرصة لطلال المشعل أن يحل بديلاً عن نايف هزازي وبعد خمس دقائق شعر المدرب التشيلي بأن البساط الوسطي ينسحب من تحت أقدام فريقه فقام بعمل تبديل تنشيطي فأخرج شنايدر وزج باللاعب جرانيرو كي يعيد توازن ذلك الأمر حتى أن الهولندي روبين ذهب لاستخدام يده أمام توهج مبروك زايد واسطاف نجومه قبل ان يصوب جرانيرو واحدة لاتصد ولا ترد اكتفت العارضة الاتحادية بإكمال اللازم معها.. ثم قام كالديرون بتغيير سلطان النمري حيث حل بديلا عنه مشعل السعيد وذلك لمساندة الصقري والثبات على إغلاق المنطقة.
لقد قدم الاتحاد واحدة من أجمل المباريات وفرض جبرايل كالديرون أسلوبه الامثل على هذه المباراة حتى أن بوشروان انفرد بالمرمى وكان معه خيارات لتقدم الاتحاد الا أنه طوح بها في الزاوية البعيده خارج الملعب.. أخذ جمهور ريال مدريد بالضغط على نجوم فريقه لتحقيق هدف الفوز واستمرت كراتهم السريعة الثنائية والثلاثية تستمر في الأمام إلا أن عملاق آسيا حرك الشوط بالرتم الذي يريده وهو الرتم الجماعي والتحرك بثقل في المحافظة على كرة القدم ومع هذا التحرك كان (استاذ) الملعب أحمد حديد يقدم ما يحلو له وبالطريقة التي يريد وكاد مناف أبوشقير مع الوقت الأخير يجلد الريال بسياط ثقافة كرة القدم حيما انفرد بشكل كامل بالمرمى وقذفها بجوار القائم بعد ثنائيته مع بوشروان لكن كالديرون شعر بالطمع حينما سحب صالح الصقري في دقائق الوقت الضائع وبعث برسالته التي كان يحملها سعود كريري وكذلك على الزبيدي بديلا عن راشد الرهيب واستمرت اللوحة الاتحادية والمعزوفة السعودية على أشهاد العالم في استعراض فنونها وتحول الـ(45) ألف مشجع يهتفون لهذا القادم من الشرق كي يستعرض سحره الاخاذ ورونقه الاصفر ووقف مبروك زايد ايضا أمام صافراتهم أسدا قويا لكل المحاولات حتى اطلق حكم اللقاء الصافرة التاريخية التي توجت الاتحاد بأن يكون فريقا عالمياً ولا أروع بالتعادل الإيجابي.