مجالس الفرده - كلام جرايد!! - فائز بن موسى البدراني الحربي

مقال جديد للأخ فائز البدراني

كثيراً ما نسمع عبارة: (كلام جرايد) وهي عبارة يطلقها المكذبون للأخبار، وما أكثر المكذبين لكل شيء في حياتنا، خصوصاً إذا كان المتحدث من أعداء القراءة والاطلاع الذين ينظرون إلى قراءة الصحف والكتب على أنها مضيعة لوقتهم الثمين الذي يقضونه في نوم النهار وسهرات المعسل والبلوت، واستعراض القنوات الفضائية، أو طلعات المندي وصيد الضبَّان.. المهم أن الواحد من أولئك إذا نقلت له خبراً لا يروق له مد شفتيه وقال: (كلام جرايد)..

ومع أن الكثير من كلام الجرايد يتسم بالمصداقية والمسؤولية، كما هو الحال في صفحات الأخبار وصفحات الآراء والتحليلات السياسية والاقتصادية والمواضيع الطبية؛ إلا أن الجرايد لا تخلو من أخبار ومعلومات لا تمت للواقع بصلة لأنها إما كُتبت لمجرد الإثارة أو تلقاها صحفي لا يملك المقدرة على التحقق من صحتها، فانطلت عليه وانخدع بها، ولم يتنبه إلى أن بعض الضيوف حصان جموح إذا لم يجد من يكبح جماحه..

وحتى لا اتهم بالمبالغة فسأضرب مثالين فقط لمقابلتين نُشرتا في صحيفتين سعوديتين؛ الأولى تمت مع أحد المسنين من نجران على أساس أنه يبلغ من العمر 185 عاماً!! وعندما كان الضيف يستعرض ذكرياته ذكر منها (أن الملك عبدالعزيز - رحمه الله - كلفه بحمل رسالة رسمية إلى محمد علي باشا).. علماً أن محمد علي توفي وبليت عظامه قبل أن يولد الملك عبدالعزيز بحوالي 30 سنة.. ومن باب اللقافة فقد حصلت على هاتف الضيف واتصلت به، وبعد جرجرته في الكلام اتضح لي أن عمره لم يبلغ 95 سنة عند إجراء تلك المقابلة.

أما المقابلة الثانية فقد كان فيها الضيف يستعيد شريط ذكرياته، فذكر من ضمنها أنه ألقى قصيدة عصماء أمام جلالة الملك فيصل - رحمه الله - عندما كان ولياً لعهد الحجاز، فما كان منه إلا أن سحب الدرج الذي أمامه ودفع للشاعر مبلغ ثلاثة آلاف من فئة الخمسمائة ريال!!

والأهم من ذلك أن أياً من الصحفيين لم يستوقف ضيفه، بل يبدو أنه هز رأسه إعجاباً!! وكأني بالشاعر يعنيه عندما قال:

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة

وإن كنت تدري فالمصيبة أعظمُ

لذا أهيب بالمنتسبين إلى الصحافة أن يكونوا أكثر ذكاء من ضيوفهم حتى لا يحرجوا صحفهم مع المتربصين بمصداقية الصحافة، وحتى لا يجدوا فرصة لوصف مقالاتنا بأنها كلام جرايد!!

المصدر : جريدة الجزيرة
الاربعاء 14 رمضان 1428 العدد 12781
الرابط